مصر تقترب… عام جديد ما بين اليأس والأمل…

مصر تقترب… عام جديد ما بين اليأس والأمل…

بقلم : إيمان سامي عباس✍️

يبشرنا الاقتصاديون بأن عام ٢٠٢٣ سيكون صعباً على العالم.. ويرى السياسيون أنه عام يكتنفه الغموض وستسودة توترات خطيرة خاصة إذا تم استخدام السلاح النووى فى الحرب الأوكرانية الروسية وربما تتغير التحالفات فى العلاقات الدولية.. و خرج علينا العديد من المنجمين “الذين بدأت هجمتهم المعتادة فى هذا الموعد على شاشات الفضائيات وعلى صفحات الصحف والمجلات “وقد تنبأ أغلبهم بأن الشهور القادمة ستمر على الشعوب بقسوة وأن أيـام العام التى يصل عددها إلـى ٣٦٥ ستكون مريرة وأن حلاوة لياليها لن تدوم طويلاً.. فما يكاد الناس يشعرون بمذاق لحظاتها الحلوة إلا وتهب عليهم أوقات المـرارة.. وذلك ينطبق على كل الدول الغنية والفقيرة والنامية على السواء!!.
يبنى الاقتصاديون والسياسيون توقعاتهم على أسـاس استمرار الأزمـات الدولية المتسببة فى الركود العالمى وزيادة التضخم وارتـفـاع أسعار البترول والمـــواد الغذائية نتيجة عدم توقف الحرب فى أوكرانيا.. ومهما كانت تنبؤات المنجمين إلا أنهم كـاذبـون ولـو صـدقـوا أو صدفوا.. ولكن الأهم من ذلك إنه لا يعلم الغيب إلا الله فهو الذى بيده كل شىء وبالتأكيد هو اللطيف بعباده.. ومن يدرى لعل الحرب تتوقف ويعود الانتعاش للاقتصاد العالمي؟!.
أما فى مصر.. فماذا حدث في العام الماضي.. وما الذى يمكن أن نفعله وما ننتظره فى السنة الجديدة؟!.
بالطبع لا نقصد إجراء حصاد لأحداث ٢٠٢٢.. وإنما نأخذ منها ما نستفيد به وما يدعو للتفاؤل بالمستقبل وما يمكن البناء عليه لتحقيق التقدم والنمو الـذى نتمناه لبلادنا خاصة أن العام الماضى رغم صعوبته على المصريين إلا أنهم واصلوا التحمل ومواجهة التحديات.. فكان المواطن البسيط بحق هو نجم العام الذى يجب أن ننحنى له احتراماً.. وأن يعمل الجميع قدر استطاعتهم للتخفيف عنه سواء الحكومة أو المجتمع المدنى أو الإعلام وهذا دورهم فى العام الجديد.
أعلنت مصر ٢٠٢٢ عاماً للمجتمع المدنى وكـان من المفترض أن تلعب الجمعيات الأهلية دورا كبيرا فى مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والبيئية.. ولكن للأمانة فإنه رغم كل محاولاتها فإن العمل الأهلى التطوعى مازال يحتاج إلى جهد أكبر للعمل فى مختلف المجالات حيث ان الملاحظ أن أغلب عمل الجمعيات يكون فى تقديم الخدمات والإعـانـات الخيرية ثم فى مجال حقوق الإنسان.. بينما يتم إهمال باقى المجالات خاصة الثقافية والتوعوية.
فـى بـدايـة شهر مــارس المـاضـى وقعت ٢٤ جمعية ومؤسسة أهلية، وثيقة لإطـلاق التحالف الوطنى للعمل الأهـلـى التنموى، وقــام التحالف بتنظيم مبادرات وقوافل صحية للعلاج بالمحافظات ودعم خطط الحماية الاجتماعية التى تقوم بها الدولة بنحو ٩ مليارات جنيه وتـم تـوزيـع مــواد غذائية وملابس و بطاطين على الأسر البسيطة فى القرى والنجوع.. وبالتأكيد هى مجهودات مشكورة خاصة فى هذا العام الذى زاد فيه التضخم وارتفعت أسعار معظم السلع والمنتجات وقلت القدرة الشرائية للمواطنين.. ولكن هل هذا فقط هو المطلوب من المجتمع المدني.. وهــل كــان هــذا هـو القصد مـن إعـــلان ٢٠٢٢ عاماً للجمعيات الأهلية وهل تم استعادة ثقافة العمل التطوعى فى المجتمع؟!.
إذا أردنــا أن يكون لدينا جمعيات أهلية قوية فى مختلف المجالات فالبداية بالإجابة على التساؤلات السابقة وعلينا أن نعرف كيف نجتذب المواطنين خاصة الشباب إلـى العمل التطوعى فهذه ثقافة تبدأ من المدرسة وللأسف فإن المجتمع الآن لا يشجع عليها فقد كـان التلاميذ قبل نصف قـرن يقومون بخدمة المجتمع المحيط بمدرستهم وكانوا ينظفون فصولهم وفناء مدرستهم.. أما الآن فإن المدرس الذى يدعو تلاميذة للقيام بمثل هذه الأعمال يُعاقب ويتم فضحة على وسائل التواصل.. ويعترض أولياء الأمور ويقولون أننا لم نرسل أطفالنا ليخدموا المدرسة وما حولها مع أن ذلك يربط الطالب بمدرستة ومجتمعة ويشجعة على العمل التطوعى ويزرع فى نفسه صفات القيادة والخدمة العامة ويكسبه مهارات عديدة تجعله فعالاً فى بيئتة ومجتمعة ووطنك عندما يكبر!!.
فى عصر تسود فيه الماديات.. وتتغول وسائل التواصل الاجتماعى، تضيع قيمة التطوع وعلينا استعادتها.. والأهـــم على الجمعيات عــدم الاكـتـفـاء بتقديم المـسـاعـدات الخيرية للبسطاء “وهــو عمل جليل بالتأكيد” ولكن هناك مشاركات فى أنشطة سياسية واقتصادية وثقافية ورياضية وفنية.. ثم أين مثلاً جمعيات حقوق المستهلك التى يمكن لأى تاجر أن يعمل لها ألف حساب كما يحدث بالخارج.. وأين أيضاً جمعيات حماية البيئة والحياة البرية والحفاظ عليها؟!.
نحتاج إلى صياغة جديدة للعلاقة بين المجتمع المدنى بجمعياته الأهلية وبين الدولة يكون أساسها الثقة والشراكة والعمل يداً واحدة لدعم التنمية والخطط المستقبلية.. وعلى الحكومة تيسير عمل المنظمات والجمعيات خاصة بعد تعديل القانون.. وعلينا أن نعلم أن مؤسسات المجتمع المدنى هى المسئولة عن إعداد وتفريخ القيادات السياسية والاقتصادية وفى مختلف المجالات وبدونها لن تجد الدولة من يتبوأ المناصب القيادية فى المستقبل.. لذلك لابد من ترك حرية أكبر للجمعيات مع استمرار مراقبة كل ما يؤدى إلى تهديد الدولة والتأكد من التمويل وعدم وجود تدخلات خارجية.
إذا كــان المجتمع الأهـلـى هـو عـنـوان الـعـام الماضى فـإن الحدث الأهـم استضافة قمة المناخ “كـوب ٢٧” الـذى أعـاد مصر إلى دورهـا المؤثر فى العالم وحول قضايا المناخ والبيئة إلى موضوعات حيوية يهتم بها المواطن بعد التركيز عليها إعلاميا وزاد الوعى بأهمية الحفاظ على البيئة والـعـودة إلـى الحياة الطبيعية.. كما استفادت الدولة بالاتفاق على عدة مشروعات فى الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر بمليارات الدولارات.. وعالمياً نجح المؤتمر فى إقرار إنـشـاء صـنـدوق لتعويض الخسائر والأضـــرار التى تتعرض لها الـدول النامية التى كانت مصر تتحدث باسمها.. ورسخت شرم الشيخ قدرتها كواحدة من أهم المقاصد السياحية وكمدينة للسلام وصديقة للبيئة الخضراء!!.
يا رب أجعل العام الجديد سعيداً على المصريين وعلى العالم.. ولا تجعله يا رب فى صعوبة وقسوة ٢٠٢٢.. و برحمتك اخـلـف ظنون السياسيين و تـوقـعـات الاقتصاديين و تنبؤات المنجمين.. و كل عام وأهل مصر بألف خير و الأمل فى رحمة الله بهم وبالعالم فى السنة الجديدة!!.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.