ألف ليلة وليلة المسحراتى النقشبندى.. زمن الفن الجميل

ألف ليلة وليلة المسحراتى النقشبندى.. زمن الفن الجميل

كتب : خالد فؤاد ✍️

مع إقتراب حلول شهر رمضان المعظم نتوقف دائما مع مجموعة من الأعمال الجميلة التي قام أصحابها، بتقديمها بحروف من نور عبر سنوات طويلة فلا نستطيع أن ننساهم فيتم الاعتماد على أعمالهم هذه، سواء عبر أثير الإذاعة أو شاشة التلفزيون، فالطبع لا يمكن أن ننسى واحدة من أبرز وأشهر وأهم الأعمال التي اعتدنا على سماعها طوال الشهر الكريم وهي شخصية “مسحراتي رمضان”..

“مسحراتي رمضان”

وإذا ذكرت نفحات شهر رمضان المعظم لابد وأن نذكر “مسحراتي رمضان”، والذي اشتهر بتقديمها الموسيقار الكبير الراحل “سيد مكاوي” وهي من أشعار الراحل “فؤاد حداد”، وكانت تذاع لسنوات عديدة عبر محطات الإذاعة وشاشات التلفزيون.

حيث كان يجسد الفنان القدير الراحل سيد مكاوي شخصية المسحراتي حتى ينقل لنا من خلالها الصورة الشعبية للحارة المصرية، حتى رحل عن عالمنا قبل خمسة أعوام ولازلنا ننتظر قدوم الشهر الكريم ونحرص في الوقت ذاته على الاستماع له في الموعد المحدد ورغم قيام عشرات الفنانين بتقديم المسحراتي من بعده إلا أنه لم يحقق أي منهم نجاح يذكر، حيث أننا جميعا لم نستطع رؤية سوى مسحراتي واحد فقط هو سيد مكاوى.

“رمضان جانا”

وهي من أشهر ما غنى الفنان الكبير الراحل “محمد عبد المطلب”، واحد من هؤلاء النجوم الذين غابوا عنا بأجسادهم ولكن ظلت أعمالهم مخلده بداخلنا، وتم عرض الأغنية لأول مرة في زمن الثلاثينات ثم بعد ذلك طبعت على أسطوانات وحققت انتشار واسع، وجاء ذلك بالتزامن مع انطلاق صوت الإذاعة المصرية الرسمية عام 1934 حيث قامت بتوجيه دعوة خاصة للفنان الراحل عبد المطلب لتسجيل أغنية رمضان جانا، وعلى الرغم من أن قد أشتهر عبد المطلب بتقديم 1300 أغنية ما بين عاطفي ووطني وديني إلا أنه لم تحقق أي منهما النجاح الذي حققته رمضان جانا التي نهفو جميعا لسماعها كلما أقترب الشهر الكريم.

“روائع النقشبندى”

وهناك أيضًا الشيخ الجليل سيد النقشبندى، الذي ودع عالمنا منذ ما يقرب من نصف قرن من الزمان وكان يلقب بناقش القلوب باللغة الفارسية، وقد بدا قراءة القرآن كمحترف وهو في سن العشرين وقد كان اول اجر تقاضاه جنيه واحد في أول زيارة له لمدينة القاهرة وكان ذلك في سنة 1948 وذكر إسمه ضمن أهم الأصوات النادرة في العالم في كتاب وصف الأصوات وأطلق عليه لقب “صاروخ الانشاء الديني”، فكان ولايزال الملايين ينتظرون قدوم شهر رمضان للإستمتاع بتواشيحة وابتهالاته الرائعة مثل: سبحانك ربي سبحانك ومولاي وغيرها وحتى اليوم لازلنا نستمتع بهذه التواشيح الجميلة.

“وحوي يا وحوي”

من روائع ما قدمه الفنان الراحل “أحمد عبد القادر”، وما لا يعرفه الكثيرين أن هذا الرجل كان عازفا للقانون وقدم نحو 1000 أغنية للإذاعة وارتبط اسمه في مطلع حياته بأداء أغنية الحج في عام 1927 وغني لأول مرة أغنية وحوي يا وحوي وكان عمره 11عاما وذلك في افتتاح معهد فؤاد الأول للموسيقي العربية بوصفه أصغر الخريجين وحققت الأغنية نجاح مدوي وراح الجميع يرددونها من خلفه ورغم ظهور عشرات الأغاني الرمضانية قبلها وبعدها إلا أنه لم تحقق أي منها النجاح الذي حققته أغنية وحوي يا وحوي لمحمد عبد القادر.

“الفوازير و ألف ليلة وليلة”

ورغم مرور عشرات السنين على تقديم حلقات ألف ليلة وليلة عبر أثير الإذاعة بصوت الرائعة زوزو نبيل التى ودعت عالمنا منذ قرابة العشرين عاما إلا أن صوتها الجميل لايزال بنبراته العزبه يجذبنا حتى اليوم، وحينما شرع الراحل فهمى عبد الحميد فى تقديم ألف ليلة وليلة عبر شاشة التليفزيون استعان بصوت زوزو نبيل أيضًا فى مقدمة الحلقات..

وكما أننا من الصعب علينا نسيان مبدعة الفوازير الرمضانية الأولى آمال فهمى عبر أثير الإذاعة ومعها الشاعر الكبير بيرم التونسى أول من تألق في تقديم فوازير رمضان وبعد رحيله فى مطلع الستينات أستلم الراية المبدع صلاح جاهين، مما لفت أنظار القائمين عن التليفزيون مع بداية افتتاحه فى مطلع الستينات ليتألق فى تقديمها المخرج محمد سالم مع ثلاثى أضواء المسرح سنين طويلة ليستلم الراية بعد هذا المبدع الكبير فهمى عبد الحميد ورفاق جيلة مصمم الاستعراضات حسن عفيفى والشاعر الرائع عبدالسلام امين و النجمتان الكبيرتان نيللى وشريهان فقد امتعونا بها سنوات طويلة وجعلوا منها مادة ثابتة يترقبها الجمهور كل عام.

“ملك التواشيح”

الشيخ نصر الدين طوبار الملقب بملك التواشيح والابتهالات الدينية وقد كان أول من جعل الجماهير ترتبط بصوته العذب قبل انطلاق مدفع الإمساك وحلول موعد اذان الفجر فكان الملايين ينتظرون ابتهالاته وتواشيحة في الإذاعة ولم يحقق من بعده أحد نفس النجاح الذي حققه هو طيلة 30 عام حتى رحل عن عالمنا في نهاية الثمانينات..

“قيثارة السماء”

وكذلك الأمر فضيلة الشيخ محمد رفعت الملقب بقيثارة السماء وقد وصف بأن دموع قلبه كانت تجري في نبرات صوته حتى أن الفنان القدير نجيب الريحاني الذي أسلم في آخر أيامه كان يستمع إليه حتى يبكي مثل الأطفال أمام الجموع التي كانت تجتمع لسماعه بمسجد الأمير مصطفى فاضل باشا بدرب الجماميز وكان إذا أطال الشيخ اتصل الريحاني بالمسرح يطلب تأجيل رفع الستار!!

ومن المتعارف عليه أيضًا أن محمد رفعت، هو أول من رتل القرآن بالإذاعة وقد أصيب بمرض “الزغطة” في عام 42 وتوقف بعدها عن التلاوة حتى وفاته 1950..

“ممنوع المرض”

الشيخ عبد العزيز على فرج، الذي كان الآلاف يجتمعون في فجر كل يوم خلال شهر رمضان بمسجد الإمام الحسين للإستمتاع بصوته العذب الذي وصفه الموسيقار الراحل محمد عبد الوهاب بأنه أفضل من رتل القرآن في العصر الحديث وحينما توقف عن القراءة لمدة أسبوع سنة 1964 لفت هذا نظر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر فسأل عنه فقالوا له أنه مريض فقال لهم قولوا له إن عبد الناصر لا يستطيع النوم دون الإستماع لصوتك فأنت غير مسموح لك بالتوقف فوصلته الرسالة وتوجه لموقعه في اليوم التالي واشتهر عنه أن المساجد الكبيرة كانت تتخطفه في شهر رمضان والإذاعات العربية على استضافته في الشهر الكريم..

“مشاق الصيام”

وقبل إنطلاق مدفع الإفطار بنصف ساعة نتوجه جميعا للراديو لندير المؤشر بحثا عن صوت الشيخ عبد الباسط عبد الصمد الذي رحل عن عالمنا عام 1973 بعد أن سجل القرآن كاملا بصوته وراحت شركات الكاسيت تتصارع في دعاوي قضائية لا تزال منظورة حتى كتابة هذه السطور كلا منها يؤكد أنه صاحب الحق الأوحد في إصدار القرآن بصوت هذا الرجل العظيم الذي بدأ نجاحه الإذاعي في رمضان عام 1949 ونجح في منافسة محمد رفعت باعترافه وقال عنه الكاتب الساخر محمود السعدني أنه صاحب الصوت الذي يدفعني لتحمل مشاق الصيام..

رحم الله جميعا هؤلاء الفنانين والشيوخ العظماء الذين امتعونا واشجو أسماعنا سنوات طويلة ولا زالوا.