إعدام الكتاكيت يثير حزن وغصب المصريين بقلم / إيمان عباس

(إعدام الكتاكيت يثير حزن وغصب المصريين)..جحود وقسوه القلوب !!!

بقلم ..إيمان سامى عباس

بلا تعقل أو حكمة اتخذ بعض أصحاب مزارع الدواجن خلال الأيام الماضية قرارات متهورة بإعدام عشرات الآلاف من صغار “الكتاكيت“، بحجة عدم وجود أعلاف لها.

وقد صدمت هذه المشاهد اللانسانية مشاعر كل المصريين ،استهجانا لهذا التصرف الأحمق ،وتلك الرسائل السلبية ،رغم وعود الوزراء المعنيين بالحكومة بقرب انتهاء الأزمة، واتخاذ إجراءات عاجلة لاستيراد الأعلاف اللازمة وتدارك تأخر بعض الطلبيات بسبب تداعيات الحرب الروسية ،حدوث خلل في سلاسل الإمداد.

ومما زاد حنق وضجر المصريين من هذه المشاهد والترويج لها عبر مختلف وسائل التواصل ،أن الصورة في بلادنا ليست بهذه الظلمة الحالكة، وهذا القبح المصطنع،وهناك من يحاولون استثمار الأزمات لتنفيذ أجندات مغرضة،تسعي حثيثا للنيل من أمن واستقرار الوطن وتشويه منجزاته ومكتسباته،ووقف مسيرة النهوض والبناء.

إن الإقدام علي إعدام “الكتاكيت” ومحاولة العبث بمنظومة صناعة الدواجن لهي جريمة مجتمعية مكتملة،الأركان اقترفها نفر من المنتفعين الذين لا
يرون إلا الوجه المترف الأوحد للحياة ، ويدعون كذبا حب الوطن ،وقد كونوا ثروات طائلة من هذه المشروعات ومارسوا الجشع والاستغلال ، دون أية اعتبار لظروف المواطنين وغلاء المعيشة،فلم نر منهم أية مبادرات للتخفيف من أوجاع الناس إلا في رحم ربي!.

نعم قد يكون هناك بعض المشكلات لدي صغار أصحاب المزارع وهناك مشكلات مزمنة ومستجدة لكن الحكمة تقتضي تفهم الظروف والتكاتف مع جهود الحكومة لإيجاد حلول مبدعة وبدائل من المنتجات والأعلاف المصرية لتجاوز الأزمة وتقليل الخسائر لأدني الحدود، ولو مؤقتا ،تجنبا للحصاد الأسوأ، وتحصنا من مساعي بعض أرباب المصالح لتدمير هذه الصناعة الوطنية المهمة،التي وفرت خلال السنوات الماضية عشرات المليارات من العملة الصعبة وملايين من فرص العمل المتنوعة بصورة مباشرة أو غير مباشرة.

وقد كان من الأجدر التبرع بها للمربين في الأرياف، أو تخفيض ثمنها ،وهم أقدر علي رعايتها، أو بيعها لأصحاب مزارع أخري،تجنبا لصنع أزمات جديدة في أسعار البيض ولحوم الفراخ البيضاء،الحمراء،وكافة منتجات اللحوم المرتبطة بها.

إن تدمير مقدرات الوطن،ولوكانت ملكية فردية وتعمد إتلاف مشروعات قومية،ولو بطرق غير مباشرة لهي جريمة إنسانية أيضا،يرفضها العقل السليم والمنطق المعتدل والفطرة السوية وكافة القيم الإنسانية والأخلاقية ،ومن قبلها الشرائع السماوية التي وضعت قوانين لإعمار الحياة لا لتدميرها، حتي آخر رمق في الحياة ،ولو قبيل قيام الساعة.

كما وضعت قوانين الرحمة العادلة في التعامل مع الطيور والحيوانات الأليفة المسخرة لخدمة الإنسان ومساعدته ،وما أحل الله ذبحه ،وفقا لضوابط، عرفتها الدنيا والمدنية الحديثة مؤخرا ، فتأسست جمعيات الرفق بالحيوان ورعايته، لكن تراجع القيم وطغيان لغة المصلحة ألقي بظلاله السلبية علي كافة أوجه الحياة المعاصرة!

إن تعمد بث روح اليأس وغرس القنوط من روح الله ومن الأمل في الغد وانفراج الأمور ، أتصور أنها محاولات متعمدة ،لغرس بذور الاغتراب في أرض الوطن ،ونوع من الانتحار المعنوي الأحمق ، فالجميع يعلم أن صناعة الدواجن في مصر تطورت في الأونة الاخيره ووصلنا لمرحلة الاكتفاء الذاتي ،لكن هناك يحاول تدميرها كما فعلت هذه الايادي الآثمة من قبل في العديد من الصناعات الوطنية العريقة!.

وتبقي الحقائق كما هي الشمس مشرقة في قارعة النهار ،أنه لن يعلو البناء ويكتمل يوما تمامه وتستقيم الأمور إلا بتكاتف المواطنين مع جهود الدولة ، فالاقتصاد الخاص الموازي أصبح وأمسي عصبا مهما من أهم أعمدة الاقتصاد القومي
،ويظل الحصاد مرهونا بصدق النوايا ورشد وإيجابية التصرفات والممارسات.

نعلم ايضا أنه في معظم بلاد الدنيا لا عقوبات علي إتلاف الممتلكات الخاصة ،إلا إذا تعارضت مع المصلحة العامة ،لكن يبقي الضمير الإنساني والوعي الذي يحتم المحافظة بكل الوسائل والسبل علي المال العام والخاص ،فمؤشرات المستوى المعيشي ،حصيلة الدخل القومي العام، يقدر إجمالا بما في أيدي الدولة والمواطنين من أموال وثروات واستثمارات ومشروعات متعاضدة تصب في دورات الحياة الاقتصادية المتتابعة.

وبعيدا عن المنطق الإنساني ،وانطلاق من درر المنطق الإيماني الراشد ،فالحياة بها الكثير من المحطات والإختبارات ، ولا تسير علي منوال أو نمط واحد من الفقر أو الغني، أو من الحزن أوالسعادة واحد .
وفي أوقات الأزمات لابد ان يتحلي الإنسان بالصبر الجميل وإعادة ترتيب الأولويات ، وأن ينظر دائما لنصف الكوب الممتليء بالماء. متذكرا نعم الله، ملزما نفسه ومن هو مسؤول عنهم بالإعتدال والترشيد ،والتعايش الإيجابي وإمتصاص تداعيات الأزمات ،فهذه هي الحياة ،وفي أوقات المحن والشدائد إذا غابت الحكمة وتوراي صوت العقل ، تفرقت السبل وضل الجميع الطريق.

وما أعظم رسائل آيات الرحمن لبني الإنسان تحذيرا من مغبة الإزدراء بالنعم و الاستخفاف بها : يقول عز وجل :
(وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ ءَامِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍۢ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ ٱللَّهِ فَأَذَٰقَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلْجُوعِ وَٱلْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ).
وقال تبارك وتعالي (ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته فإن الله شديد العقاب) صدق الله العظيم.
وفي حديث السيدة عائشة ،حين دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى كسرة ملقاة فأخذها فمسحها ثم أكلها وقال: يا عائشة اكرمي كريمك فإنها ما نفرت عن قوم فعادت إليهم).
أتصور أن الرسالة وصلت لكل ذي عقل يعي..ولله الأمر من قبل ومن بعد .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.