بغبغان مدام حنان قصة قصيرة

بغبغان مدام حنان قصة قصيرة

بغبغان مدام حنان
قصة قصيرة

وفاء أنور

سأصحبكم معي اليوم إلى تلك الأيام التي سبقت وجود الغسالات الكهربائية بأنواعها في أغلب البيوت المصرية كانت أغلب منازل المصريين تستعين بسيدة تقوم بغسل الملابس مرة في الأسبوع أو مرتان وكانت جدتي قبل هذا اليوم الذي تأتي فيه إلينا الخالة أم نعيمة كما كنا نناديها تقوم بتحضير كل مستلزمات الغسيل المطلوبة من خامات وأوعية خاصة للغسيل ، وكانت تلك الأشياء تسعدنا جدًا كأطفال ، نشاهد مايحدث ونستمع للعديد من الحكايات التي ترويها الخالة أم نعيمة وهى تجلس على هذا الكرسي الخشبي وتنحني أمام ( طشت الغسيل ) تمتد يد جدتي ، وأمي ليساعدان هذه السيدة التي أرهقتها تلك المهنة ، وأخذت منها ومن صحتها عمرًا طويلًا كله شقاء ، ولكنه لم يكن ليخلو من بعض المواقف الكوميدية المثيرة للضحك .

هيا لنبدأ معًا في متابعة أحداث القصة التي حدثت في أحد أيام فصل الشتاء وبالتحديد في إجازة نصف العام الدراسي كنت حينها طفلة لاتتجاوز العاشرة من عمرها ، وكان منزلنا به فناء واسع أو كما يطلقون عليه في الماضي ( بير السلم ) كان هذا اليوم يزعج الكبار كثيرًا ، ويسعد الصغار ، كنت كلما حاولت أن أقترب لأضع يدي في هذا الوعاء الكبير المملوء بالماء الدافئ الذي تعلوه كميات غير عادية من رغوة الصابون أجد يدًا أخرى ترفع يدي ، وتدعوني أن أبتعد حتى لاتبتل ملابسي فأصاب بنزلة برد .

 

كان كلامهم يضايقني ، ولكني لم أملك حينها إلا الامتثال لأوامر الكبار ، ابتعدت قليلًا ووقفت على إحدى درجات السلم واضعة يداي تحت رأسي لأستمع وأشاهد من بعيد .

بدأت حكاية جديدة من حكايات أم نعيمة ، بعد أن سبقتها تنهيدة كبيرة ، قالت :
شفتوا اللي جرى لي الأسبوع اللي فات ، ردت جدتي ، وأمي في نفس واحد :
خير ياأم نعيمة إيه اللي حصل ، نظرت إليهما وهى تسترجع موقفها الذي سترويه قائلة :
مش أنا روحت شقة مدام حنان علشان أغسل لها غسيل الأسبوع زي ماأنا متعودة على ده من زمان معقبةً ، ست حنان دي ست مبسوطة عندها شقة كبيرة في وسط البلد قريبة من ميدان التحرير ، ست غنية ، وإيدها سخية ، ترد جدتي عليها بدهشة طيب دي حاجة حلوة اهي ، أومال مالك زعلانة كده ليه ؟
قالت : حلوة منين بس دي لاحلوة ، ولاحاجة دي حكاية تكسف بعيد عنكم ، ازداد الشغف للاستماع لدى جمهورها ، وأنا منهم بالطبع ، استجمعت أم نعيمة شجاعتها ، لتروي لنا بقية قصتها قائلة :
أول مادخلت شقة مدام حنان يادوب قعدت وأخدت نفسي ، الست قامت بعدها عملت لي كوباية الشاي السادة ، ومعاها شوية بسكويت مفتخر ، وهى دي عادتها لازم تستقبلني استقبال حلو زيها ، كانت محضرة لي كل حاجة ، شوية وقالت لي أنا نازلة أشتري لوازم للبيت من تحت ومش هاتأخر عليكي ، البيت بيتك ياأم نعيمة ، قلت لها اتفضلي ، وقعدت أغسل الغسيل زي كل مرة ، شوية ، وحسيت بالتعب قلت أفرد طولي شوية ، وخصوصًا ظهري اللي واجعني اليومين دول من برد الشتا ، تروي ، والجميع يستمع منتظرًا تلك اللحظة التي ستزيح أم نعيمة فيها الستار عن نهاية قصتها .

 

قالت لقيت دماغي مصدعة شوية قلت وياريتني ماقلت : قلت أما أقوم أعمل لنفسي كوباية شاي بحليب ، المهم عملت كوباية الشاي وشربتها ويادوب غسلتها وحطيتها مكانها إلا وألاقي باب الشقة بيتفتح ودخلت مدام حنان تطمن عليا وسألتني ، عاملة إيه ياخالتي أم نعيمة وقبل ماأرد عليها ألقى لكم اللي بيقول : والنبي لما أقوم أعمل لنفسي كوباية شاي بحليب ، وفضل الكلام يتعاد ، وبقيت في نص هدومي قدام الست أتاري مدام حنان جابت بغبغان ، وأنا مااعرفش ، قل قيمتي ، وكسفني الله يكسفه ، وتنهال الضحكات بعد انتهاء الحكاية الطريفة التي قررت بعدها الخالة أم نعيمة أنها لن تسمح لهذا الموقف أن يتكرر معها مرة أخرى بعد أن أقسمت قائلة : ربكم ، والحق أنا قلت لنفسي يابت قبل ماتدخلي أي بيت دوري فيه الأول على مكان البغبغان .

بغبغان مدام حنان
قصة قصيرة

بغبغان مدام حنان قصة قصيرة
بغبغان مدام حنان
قصة قصيرة
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.