المركزي المصري يفاجئ الأسواق بـ خفض كبير لأسعار الفائدة
لجنة السياسة النقدية تفاجئ الأسواق بخفض كبير لأسعار الفائدة تابع التفاصيل على أخبار مصر 24.
كتب باهر رجب
خفض كبير لأسعار الفائدة
في خطوة مفاجئة وغير متوقعة إلى حد كبير، أعلنت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري في اجتماعها يوم الخميس الموافق 17 أبريل 2025 عن خفض كبير في أسعار العائد الأساسية بواقع 225 نقطة أساس.
وبموجب هذا القرار، انخفض سعر عائد الإيداع لليلة واحدة إلى 25.00%، وسعر عائد الإقراض لليلة واحدة إلى 26.00%، وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي إلى 25.50%. كما تم خفض سعر الائتمان والخصم بنفس النسبة ليصل إلى 25.50%.
يأتي هذا القرار الجريء بعد فترة من التثبيت النسبي لأسعار الفائدة، ويثير تساؤلات حول الدوافع الكامنة وراءه وتأثيراته المحتملة على الاقتصاد المصري. يشير بيان البنك المركزي إلى أن هذا الخفض يأتي في ضوء التقييم الشامل للأوضاع الاقتصادية العالمية والمحلية، مع التركيز بشكل خاص على التطورات الأخيرة في معدلات التضخم.
نظرة على المشهد العالمي والمحلي:
على الصعيد العالمي، يوضح البنك المركزي أن حالة عدم اليقين بشأن آفاق النمو الاقتصادي والتضخم دفعت بعض البنوك المركزية في الاقتصادات المتقدمة والناشئة إلى تبني نهج حذر في سياستها النقدية.
وبينما لا يزال النمو الاقتصادي العالمي مستقرا إلى حد كبير، إلا أن التطورات الأخيرة في التجارة العالمية، وخاصة انخفاض أسعار النفط وتقلبات أسعار السلع الزراعية، تثير مخاوف بشأن تباطؤ الطلب العالمي واضطراب سلاسل التوريد. كما لا يزال التضخم العالمي عرضة لمخاطر صعودية نتيجة التوترات الجيوسياسية وتصاعد الحمائية التجارية.
أما على الصعيد المحلي، فقد أشارت المؤشرات الأولية للربع الأول من عام 2025 إلى تعافي مستدام في النشاط الاقتصادي للربع الرابع على التوالي،
متجاوزا معدل النمو المسجل في الربع الرابع من عام 2024. وقد ساهم قطاع الصناعات التحويلية غير البترولية والتجارة والسياحة بشكل أساسي في هذا النمو.
وعلى الرغم من استمرار النمو، تشير تقديرات فجوة الناتج إلى أن النشاط الاقتصادي الفعلي لا يزال دون طاقته القصوى،
ولكن من المتوقع أن يصل إليها بحلول نهاية السنة المالية 2025/2026.
التضخم.. نقطة التحول الرئيسية:
يبدو أن الانخفاض الملحوظ في معدلات التضخم خلال الربع الأول من عام 2025 كان عاملا حاسما في قرار لجنة السياسة النقدية.
فقد تراجع التضخم السنوي العام والأساسي بشكل كبير، ليصل إلى أدنى مستوياته منذ ما يقرب من ثلاث سنوات.
ويعزى هذا الانخفاض بشكل رئيسي إلى تراجع التضخم السنوي للسلع الغذائية،
بالإضافة إلى تباطؤ نسبي في التضخم السنوي للسلع غير الغذائية. كما بدأت التطورات الشهرية للتضخم في الاقتراب من نمطها التاريخي، مما يشير إلى تحسن في توقعات التضخم.
دوافع الخفض وتأثيراته المحتملة:
يرى البنك المركزي أن الانخفاض الحاد في التضخم خلال الربع الأول من عام 2025 أدى إلى تقييد الأوضاع النقدية بدرجة كبيرة، مما أتاح مجالا واسعا لبدء دورة التيسير النقدي.
ويهدف هذا الخفض الكبير إلى الحفاظ على سياسة نقدية ملائمة تساهم في ترسيخ توقعات التضخم ودعم المسار النزولي المتوقع له خلال عامي 2025 و 2026.
من المتوقع أن يكون لهذا القرار تأثيرات متعددة على الاقتصاد المصري. فعلى صعيد الاستثمار، قد يشجع خفض أسعار الفائدة الشركات على الاقتراض والتوسع في أنشطتها،
مما يحفز النمو الاقتصادي ويوفر المزيد من فرص العمل. كما قد يؤدي إلى خفض تكلفة خدمة الدين الحكومي.
أما بالنسبة للمواطنين، فقد يؤدي انخفاض أسعار الفائدة إلى تراجع تكلفة الاقتراض للأفراد، مثل القروض الشخصية وقروض السيارات والتمويل العقاري، مما يزيد من قدرتهم الشرائية.
ومع ذلك، قد يؤدي أيضا إلى انخفاض العائد على الودائع و المدخرات.
مخاطر وتحديات مستقبلية:
على الرغم من التفاؤل الحذر الذي يتبناه البنك المركزي،
إلا أنه لا يزال يحذر من وجود مخاطر صعودية محتملة للتضخم، بما في ذلك احتمال تجاوز تأثير إجراءات ضبط المالية العامة للتوقعات، بالإضافة إلى حالة عدم اليقين بشأن تأثير الحرب التجارية الصينية الأمريكية وتصاعد الصراعات الجيوسياسية الإقليمية.
رسالة واضحة والتزام مستمر:
يؤكد البنك المركزي أن لجنة السياسة النقدية ستواصل تقييم قراراتها بشأن فترة التقييد النقدي ومدى حدته على أساس كل اجتماع على حدة، مع التأكيد على أن هذه القرارات ستظل معتمدة على التوقعات والمخاطر المحيطة بها وما يستجد من بيانات. كما يؤكد التزامه بمراقبة التطورات الاقتصادية والمالية عن كثب واستخدام جميع الأدوات المتاحة لتحقيق هدف استقرار الأسعار وتوجيه التضخم نحو مستهدفه البالغ 7% ± 2 نقطة مئوية في الربع الرابع من عام 2026.
الخاتمة
في الختام، يمثل قرار لجنة السياسة النقدية بخفض أسعار الفائدة خطوة جريئة تعكس ثقة البنك المركزي في تراجع معدلات التضخم وتحسن الأوضاع الاقتصادية.
ومع ذلك، يبقى المستقبل محفوفا بالتحديات والمخاطر، ويتطلب متابعة دقيقة للتطورات الاقتصادية واتخاذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب لضمان تحقيق الاستقرار النقدي والاقتصادي المستدام.