إسماعيل يس .. أضحك الملايين وعاش حياة مأسوية “الحلقة الثانية”

خالد فؤاد

 إسماعيل يس .. أضحك الملايين وعاش حياة مأسوية “الحلقة الثانية”

ولد بعض نجوم الزمن الجميل في حياة رغدة وتمردوا عليها ليعملوا في الفن ومنهم يوسف وهبي وبهيجة حافظ وزكي رستم ، لكن على الجانب الآخر كانت هناك حياة بائسة يملؤها الفقر والقهر عاشها بعض النجوم الآخرين في طفولتهم وصباهم وامتدت حتى الشباب، ومنهم تحية كاريوكا وسامية جمال وزينات صدقي وإسماعيل يس .. وشخصيات هؤلاء المعذبون تدعو للدهشة من مقدرتهم العجيبة على تخطي الصعاب، فلو استسلم كل منهم للواقع الأليم الذي عاشه كان الفن سيخسر الكثير، فقد تمكنوا جميعا من الوصول إلى قمة المجد الفني وتربعوا عليه وأصبحوا في سجل الخالدين.
دعونا اليوم نلقي الضوء على المآسي التي واجهت إسماعيل يس نجم الكوميديا في الوطن العربي الذي استطاع أن يترجم دموعه وآلامه إلى كلمات وإيماءات تسعد القلوب وتنتزع الضحكات من الجمهور.
تناولنا في الحلقة الأولي وفاة والدة إسماعيل ياسين وزواج أبيه من امرأة أخرى وفي فترة الشباب قرر الحضور للقاهرة للالتحاق بمعهد الموسيقى واليوم نتاول الحلقة الثانية لهذا النجم الذي أسعد الملايين صغارًا وكبارًا.

عذابات القاهرة

مع قدوم إسماعيل إلى القاهرة فوجئ بأن معهد الموسيقى في أجازته لمدة أربعة شهور، فقرر الإنتظار وبدأ المبيت في إحدى اللوكاندات الرخيصة والقريبة من المعهد حتى أنفق الستة جنيهات وذهب إلى أقارب له في القاهرة لكن زوج إبنة خاله نهره وطرده عندما علم أنه سيلتحق بمعهد الموسيقى ، ولم يجد إسماعيل مأوى غير جامع السيدة زينب ليبيت فيه كل ليلة بعد أن يؤدي صلاة العشاء ويذهب لينزوي في أحد الأركان بعيدا عن أعين خادم الجامع ، أما طعامه فقد كان يقتسمه مع “مجاذيب السيدة” الذين يجلسون أمام الجامع لتلقي بعض الطعام أو النذور، وما لبث أن طرد خادم الجامع إسماعيل بعد أن اكتشف أنه ينام يوميا فيه، فقرر أن يتجول بالنهار ليبحث عن لقيمات تسد جوعه ثم ينام في أي مدخل من مداخل عمارات منطقة لاظوغلي، ومع تجوله في منطقة السيدة زينب ذهب إلى جامع في شارع مارسينا ليبيت فيه ، ومع آذان الفجر اكتشفه خادم الجامع أيضا وطلب منه المغادرة، ومع وجود بعض القادمين للصلاة أشار أحدهم بأن إسماعيل سارق لأحد أطقم الشاي، ونفى إسماعيل عنه التهمة مع بكاءه المنهمر فلان قلب شيخ المسجد واستمعوا إلى قصة معانات إسماعيل، فأعطاه  جنيها وطلب منه العودة إلى السويس. نافذة السعادة عاد إسماعيل إلى السويس وحكي لأصدقائه ما لاقاه من عذاب في القاهرة، وقرر أن يعمل مغنيا في أفراح السويس، وبعد أن غنى وأسعد الجميع في بيت أحد أثرياء بلدته حتى تقدم منه شابا وسيما وحياه على إجداته للغناء ووجد فيه شيئا جديدا طريفا، وأعطاه الشاب بطاقته ليزور عائلته في القاهرة وكان من عائلة قدري باشا المهتمين بالطرب والغناء ، وبعد أن جمع له الأصدقاء مبلغا من المال عاد إسماعيل إلى القاهرة ليبدأ في صحبة الثري في كل مكان يذهب إليه، سواء في المسارح أو الملاهي والحفلات الخاصة، ومن هنا تعرف إسماعيل على كبار فناني المونولوج ومنهم سيد سليمان وحسين المليجي ، وكان عليه أن يحفظ منولوجاتهم ليؤديها عند عائلة قدري باشا التي احتضنته ، لكن إسماعيل قرر بعد فترة أن يترك الأسرة الثرية ليعمل عند أحد المحامين ، ثم بدأ غناء المنولوجات في الإذاعات الأهلية، ومع افتتاح الإذاعة المصرية تقدم ونجح في الإلتحاق بها كمنولجست ، ثم التحق بالعمل في فرقة يوسف عز الدين ومنها إلى عدة فرق إلى أن وصل إلى فرقة بديعة مصابني ليعمل بها ويصبح صديقا لأستاذه سيد سليمان .

مذكرات إسماعيل ياسين
مذكرات إسماعيل ياسين

رحلة المجد من صالة بديعة

بدأ إسماعيل يس شهرته وإجادته لفن المنولوج، وأدخل عليه لونا جديدا وهو فاصل النكت بين كل منولوج، لكن ذكاء إسماعيل حذره من نهايات فناني المنولوج، فدائما ما تتوارى عنهم الأضواء مع الكبر يصبحون في طي النسيان، فكان عليه في تلك الفترة أن يثبت نفسه في عالم الفن، ومع براعته بدأت الفرق الفنية تتخاطفه ومنها فرقة أمين عطا الله وفرقة تحية محمود وعلى الكسار حتى بدأ رحلته في عالم السينما ليخرج من دائرة فنان المنولوج ليبدأ في عالم التمثيل ، وبعد الكثير من الأدوار الثانية ودور صديق البطل حتى أصبح أسماعيل بطلا للعديد من الأفلام وأصبح نجم شباك يتخاطفه المنتجون والمخرجون لترويج ونجاح أفلامهم ..

ويعد إسماعيل يس من النجوم القلائل الذين سميت الأفلام بأسمائهم، وربما كان هو كذلك والفنانة ليلى مراد فقط ، حتى أن أسلوبه ونجاحه شجع الرئيس جمال عبد الناصر على طلب مجموعة أفلام يقوم إسماعيل ببطولتها تظهر أهمية الجيش وتنمي الإنتماء عند الشباب للإلتحاق بالجيش وأسلحته المختلفة، فكانت أفلام إسماعيل يس في الجيش والأسطول والطيران والبوليس، وبذلك أظهر إسماعيل في قمة مجده مدى حبه ودعمه للوطن ولم يكتف بذلك هو ورفيق عمره وصانع أسطورته الكاتب أبو السعود الإبياري، بل قدما معا مساعدة مادية لتسليح الجيش بلغت 2000 جنيه عام 1956.

إسماعيل يس .. أضحك الملايين وعاش حياة مأسوية “الحلقة الأولى”

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.