” الإستظهار الأنيق” بقلم أحمد عز

الكل يرتدي رداء التظاهر

معاناة آلام التظاهر

“كم يستغرق الوقت كى يفهم الناس أن
هناك أيام تمر على الإنسان، حتى الإيماء
برأسه يصبح ثقيلًا”.. “دوستويفسكي”

“فن التظاهر.. الاستظهار.. والآلام”
في حقيقة الأمر لم أجد أفضل من
مقتبسات “دوستويفسكي” حتى أقوم
بمزج رؤيته في رأينا المتواضع؛ لأقدم
مشروبًا وجدانيًا سلسًا؛ يجسد “معاناتنا
الإنسانية” بين ما يدور داخلنا من صراع
نفسى يومى…وما نقوم به من محاوله
“للتظاهر الأنيق” لإخبار الجميع بأن “كل
شيء على ما يرام” بينما هو ليس كذلك
مطلقًا… فعلى ما يبدو أن الجميع يصارع
نفسه يوميًا حتى العوده إلى فراشه الذى
يحتضنه كأمه، ثم ينهار فيه بأريحيه دون
خجل حتى يخلد إلى النوم كملجأ للهروب
من ذئاب المشاعر المتصارعه التي تنهش
كيانه.. فيضمد نزيفه النفسي جراء
عمليات المقاومة المستمرة!!
لا أخفى عليكم سرًا فأنا ككاتب أصابتنى
(لعنة التفاصيل) وفى الواقع لا أعرف إن
كانت تلك مَلكَة (نعمة ) أو لعنة (نقمة )!!
فهو شغف يدفعنى إلى مراقبة ملامح
الناس وبالأخص مرآة الروح (العين
والابتسامة) اللتان تعكسان حقيقة النفس
بالداخل دون رياء أو كذب ,, فهى كالماء
النقى إذا ما تعكر يظهر ذلك جليًا مهما
حاولت التخفى أو التظاهر.. يتجلى هنا
عقلي كشبيه للروبوت الذى يلتقط
الموقف ثم تظهر شاشة خضراء في عينه
الإلكترونية لتحلل البيانات بذلك الصوت
الكلاسيكي للكتابة .. بل ويعقبها كشف
حرارى لنشاط الروح الحقيقى المكبوت
(ما وراء السلوك)

– وبشكل عام (التفكير الزائد)
ومراقبتك الدائمه لأدق تفاصيل كل
الأحداث اليومية لامحال سيفسد عليك
سعادتك، وقد يدفعك يومًا ما بأن تلقى
بنفسك من النافذة.

– فحينما يفرط الإنسان
في إدراك نفسه يشعر أنه وصل لآخر
الحدود، لايستطع كيف ينجو، وإذا أمنت
بالنجاة وامتلكت متسع من الوقت.. قد
لاتمتلك الرغبة على الرغم من أن الحكمة
تقتضي أحيانًا أن يعيش الإنسان لحظات
من الجنون يقوم فيها بممارسات تافهة
تشعره بسعادة ولو للحظات دون أن
يكترث لنتائجها ..لكن إذا ما سألتنى عن
شغف مراقبه التفاصيل (كمَلكَة) قد
أجيبك بأن (الحب بالنسبة لى هو
التفاصيل) وكذلك (النجاح أيضًا)
“فالقليل من التفاصيل كفيلة أن تغمر قلب
من أحببت بالسعادة وكذلك حياتك
بالنجاح”.

– وعلي نطاق واسع
سنجد أن الحياة ما هي إلا مجموعة دوائر
ولكل دائرة بطل ولكل بطل حكاية وداخل
كل حكاية معارك مستترة يخوضها بمفرده
(وما يعلو سطح خشبة المسرح ما
هي الإ محاولة للاستظهار الأنيق عكس
مايحدث في الكواليس الداخلية) بل
وأحيانا يتمكن كل شخص من أداء الأدوار
بشكل مذهل فعليًا لكن في الحقيقه
(تفضحه عينيه وإبتساماته) فحركاتها
كالروائح الذكيه تلتفت لها كل الأنوف
وسرعان ما يشعر من أمامك أنك
مصطنع، فكلاً من هؤلاء يحمل بداخله
ألف حطام وألف انهيار وألف حجر ووهن
وألم ..إذا ما حكى عنها للآخرين قد
يتفهوا من شأنها ويروا أن الأمر لايستحق
كل هذا العناء.. وكل ما سيلفت نظرهم
أنك أصبحت إنسانا آخر غير الذى اعتادوه
ثم يلومونك وأحيانا يستنكرونك.. ولذلك
يكتفى المرء بدفن آلامه بين ضلوعه لأنه
لن يشعر بآلامها إلا هو ..وفى النهاية هو
من سيدفع فاتورته النفسيه .. وعليه أن
يكافح يوميًا بأن يستيقظ وعلى وجهه
ترتسم الابتسامة التي تعينه على عيش
الحياة نفسها بكل أحداثها وتفاصيلها
وأشخاصها معلنًا للحياة أنه على مايرام
ويكاد من فرط السعادة والتفاؤل والأمل
يذوب.

– ولكن في الحقيقة
لكل إعتياد ضريبة؛ فإعتياد المرء على
فظاعات الواقع وأن يمر بتجارب مؤلمة
بدلا من تجعل قلبه صلبا قويا تصيبه
بالقسوه وبدلا من أن تزيد مدى الإبصار
والبصيره تصيبه غشاوة العين بل وينعدم
تدريجيًا تصور شعوره عن السعادة ويفقد
الأمل، وتصيبه آفة اللامبالاة جراء موت
مشاعرهم الحقيقية بسبب كثره التظاهر
والتي تخترق جهاز إنذاره النفسي
(الخوف المعتدل الإحتراذى) الذى مهمته
أن يبقى الكائن على قيد الحياة ويدفع
الانسان لموازنه أموره وتحمل المسؤليه
وأن يخشى الفشل والموت أيضا.

– فكثرة الآلام المتلاحقة
تجعل المرء يحبس أنفاسه وبركان دموع
آلامه إلى اللحظة التي يتفاجئ فيها
بسقوطها قطرة بقطرة في فنجان قهوته،
فلا فنجان قهوته ينتهى ولا هو يشعر
بسقوط دموعه بداخله أو ربما يتوقف عن
الحديث جراء سقوطها لا إراديًا دون
أسباب وهو يخبر أحد أصدقائه أن هاتفه
يحتاج لإعاده الشحن.

– وأعلم أن الدموع
إذا ما عجزت عن دفع شقاء المرء،
ستستبسل الروح بدلا منها وتقوم بتمزيق
نفسها في لحظه مثالية للتضحية من أجل
عيون صاحبها.

– فالكل يلبس رداء التظاهر
حتى لا ينهزم في عيون الآخرين وحتى
يظهر للدنيا كالسيف البتار الذى لا ينهار؛
فيظل منهكا من أثر المقاومة، حتى لا
تخونه نظراته وابتساماته ويظهر ضعفه،
مع أنه لا بأس بأن نظهر انهيارنا بعض
الوقت فليس كل انكسار حطام أهوجا، بل
يمكن أن نتخذ منه أساسًا قويًا لإعادة
الإعمار بشكل نتفاخر بعظمته نستعيد فيه
صلابتنا بشكل أفضل.. فالإنسان كالعمران
كما حدث في هيروشيما وناجازاكى جراء
القنبله النوويه يمكن إعاده إعماره ولو
كان هباءا منثورا.

المعاناه الإنسانيه
تكمن طبيعتنا الإنسانية المعقدة في أنها
مليئة بالمتناقضات حيث الأحداث
المتشابكة التي تخضعنا لضغط نفسى
رهيب؛ جراء حجم الصراعات الداخلية
من قلق وخوف وألم وشعور بالذنب
والندم والضياع والعزلة والنقص
والتشتت والعجز والعبث إلى الحد الذى
فيه قد يعشق المرء ذنوبه عندما يرى
تصرفات الآخرين المؤذية نفسيًا تجاهه.

– وعليه يتشتت بين “سوداوية المصير، وأنشودة
الحب والسلام”.

– بل ويتجلى التناقض فى اجتياح الحزن
الشديد قلبه في نفس لحظات الفرح
الشديد دون أن تعلم السبب.. بل وتدفع
بالإنسان الثرثار إلى افتقاد مهارة التعبير
عن نفسه جراء ما يحمل في قلبه .. فقد
لا تتسع الكلمات للتعبير عما يشعر به
داخله.. فيتساءل (هل من علامات نضج
الوعى) أن يعيش الإنسان في صمت دائم
دون تفكير في التفاصيل أم يصبح ثائرًا
تجاه كل شيء ؟؟
– أحيانا تأتى على الإنسان لحظات يشعر
فيها بكونه خاويًا بائسًا مكروهًا شاحب
الوجه مشوه نفسيًا يسعى فيها أحيانًا
لتبرير الفشل والخطيئة بأسباب واهية
ترضى نفسه وأنه المعيار والباقين شواذ،
فكم أقنع نفسه وكذلك المحيطين بأن ما
يشعر به من ضيق ما إلا وهم أخلقه
لنفسه بينما هو يتأكل من الداخل،
فينشطر داخله إلى نصفين “بين قوة
الرغبة في العيش… واليأس الذى يغزل
خيوطه بداخله كالعنكبوت”.

– ولا تتعجب حينما تجده لاإراديا
أنه يميل للإنتقام من نفسه حيث العزلة
التي فيها ينفصل عن عالمه المريح ليدفن
نفسه وآلامه داخل قوقعته كالسلحفاة.

– ولا تتعجب أيضا حينما
يقوم بتصرفات طائشة وغير مألوفه بل
وقد يتتبع التيار او يبرر تصرفاته بأنه غير
مقتنع بما فرض عليه سابقا أو ينتظر
الفرصه المناسبه ليفعلها عن إقتناع حتى
لاتكن رياءا.. فأنا مازلت حياتى طويله
أمام تلك القيود، فهو يصنعها لنفسه من
باب الاختلاف والتغيير النفسي بينما في
مكنونها تمرد على الالامه وظروفه
المحيطه، لمجرد أنه يحاول أن يعيش
بأية طريقة… ولكن كم هو لعين التظاهر
(فإلى متى سيظل شراع الإنسان صامدًا
إذا ما عصفت داخله رياح مشاعره
وأحاسيسه السوداوية العاتية؛ التي
ستترك بداخله ندبات لا يمكن تحمل
أوجاعها).

– لحظات يتوقف فيها الزمن
ثقب أسود يخترق ذات الانسان يفصل
عقله عن رؤية تلك الدراما العبثية داخله
بحكمة ليجد حالًا فاصلًا.. فكيف نكسر
هذا الحاجز الزمني ونحطم القيود؟
وجدتها بالطبع الانسان القوى.. هيهات يا رجل !؟

-فأحيانًا قد يشق الإنسان
القوى على نفسه من شده تحمله لكل تلك
المآسي؛ فيشعر بالخجل من نفسه حينما
لا يشكو ما بداخله لنفسه وأحيانًا حينما لا
يخبر به أحد وأحيانًا يخجل حينما يخبر
به من لايستحق الائتمان فيتكشف عاريًا
أمام مرأه مزيفه تخرج لسانها بسخريه
و تتفه من أمره!!

*وفي نهايه المقال علينا أن نسأل أنفسنا؟

– إلى أي مدى سيصمد الانسان في محاولة
تقديم نموذج للانهيار الداخلى في مظهر
أنيق من الخارج ؟
– متى سيتعلم الانسان بأن كم الجهد
المبذول في التظاهر أضعاف أضعاف الكم
المبذول للعلاج ؟
– متى سيبحث الإنسان وكيف يجد
(سردابًا) يتعرى فيه بحرية عن ذاته
ويفصح فيه عما يشعر به داخله فتلك
أشياء لاتشترى؟
– ولكن فلتعلم يا صديقى أن في النهايه
الحياه لاتعطينا دروسنا مجانيه لتتبنى
فلسفه جديده تجاهها.. بل ستلقنا دروسا
قهرية غالية الثمن، لتشيد بعد ذلك إذا
أردت من حطامك النفسي بنيانا عظيما
الذي يخرج من رحم الألم والمعاناه،
فالحياه نهر ملئ بالشوائب والعقبات كما
هو ملئ بكل ما لذ وطاب فاليوم سيجرفك
التيار مرات ومرات فإذا جرفك مره، فهو ليس
ذنبك وإذا جرفك في الثانيه فهو ذنبك.. فمركبك
سيسير على ايه حال وعليك ان تتمالك حتى توجه
الدفه للوجهه التي تريدها لا كما تريدها الدنيا.
– وإذا لم يعجبك كلامى فإذا أقدمت على إستعارة
كتب الانتحار .. فعليك من الان أن تحدد من
سيقوم بإرجاعها؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.