“صباح الخير إلى أن يَثّبت العكس” بقلم/أحمد عز

أنتِ لست شيطاناً في روايتي وانا لست بملاك

” صباح الخير إلى أن يَثّبت العكس”

بقلم / أحمد عز

صباح الخير إلى أن يثبت العكس!!
هذا هو صباحي الذى اعتدت أن أبدأ به يومي أمام مرآتي.. استيقظت ولم أجد فطوري كالعادة ملابسي متناثرة هنا وهناك ومعها مشاعري وفتات أفكاري منذ سنوات ويظللها غيوم أيامي.. أعقد رابطة عنقي و أنظر إلى خصال شعري وأتأمل أحداث ذاكرتي حتى أستفيق.. فقد ألفت وحدتي في بداية صباحي ونهاية مسائي.. أمرح بعدها كالخيل ساعيًا للنجاح راغبًا في الشقاء حتى أتلاشى مبارزة سيوف وجداني.. فأنا مقاتل شرس إلا صباحًا ومساءً.

وبينما أمرح كالخيل شعرت بنسيم هواء يتدفق فوق رأسي على يمينى وعلى يسارى حتى ارتفعت رأسي قليلًا واكتشفت مصدره.. فوجدتها فراشة زاهية ألوانها .. تطربني بحسها الموسيقى تعزف أنشودة بجناحيها وتغني كَ لَيْلِي.. أنيقةٌ خفيفةُ الظلِّ.. طيبة القلب مرهفة الحس.. قريبة الدمع تلقائية لأبعد الحدود في حديثها وتصرفاتها.. يُعتمد عليها.. رزينة .. صادقة مخلصة .. مجتهدة.. قنوعة .. تعرف هدفها جيدًا  تتحمل الآلام والمصاعب من أجل غيرها قبل
نفسها .. نظرةٌ لها كافية أن تجعل يومك ملئ
بنفحات الراحة وكفيلة أن تستشف ما بداخلها  الخلاصة كانت جميلة في كل شيء.

منذ أن التفتُ إليها وتكرر هذا المشهد وأصبح لليوم معنى جديد .. فبدأت الشمس تشرق في أماكن تواجدنا والأشجار تظلل علينا وتعزف العصافير سيمفونيتها المعتادة.. لم أكن أعلم إلى
أين سنذهب وماذا سيجري لاحقًا.. غير أننا أنسنا بعضنا البعض بل و وجدنا ضالتنا.

عشر سنوات عمرية تفصل بيني وبينها عشرة مللي مترات تفصلنا عن حبل الوريد هكذا أصبحنا فيما بعد..العجيب أنها كانت تحلق مثلها كباقي
الفراشات ولكنى لم أنتبه يومًا لمن كان يحلق فوق رأسي فعلى ما يبدو القدر اختار اللحظة الحاسمة لينبهني لذلك كمن يشعر بجرح في يديه بعدما ينتبه إليه.

لقد رافقنا بعضنا .. أنا أرمح وهى تلحق
حتى توقفت فجأة سائلًا .. لم لا؟

لم يكن السؤال مفتاحًا لباب كان مغلقًا لسنوات طويلة بقدر ما كان مدببًا في نهايته ليخترق الباب بطعنة نافذة لا حياة بعدها ولا موت.

أجابتني بابتسامتها المعتادة ونظرة عينيها
التي ألفتها .. أنت الذي كنت أبحث عنه منذ نعومة أظافري ولم أجده.. بدأت أشعر أنها في حضرتي تتفتح كالأزهار.. تضاعفت ابتسامتها .. كنت أسمع دوى خفقات قلبها الذي كان يرقص طربًا بوجودي.

بدأ حبها يتسلل لفؤادي أضعافًا.. يجري في مجرى الدم ك كراته الحمراء بل أصبحت هي ذاتها فصيلة
دمي الذى إذا ما نزفت يومًا لن تجده في أي مشفى فأنا بنك الدم الفريد.

كنت أشعر بسعادة بالغة وهى تلوح بيديها وتتحدث فيما يعنينا ولا يعنينا .. لقد احتضنتها كابنتي أكره ما يشعرها بسوء … أمانة في عنقي غير قابلة للكسر .. وعزمت أن أعقد حول عنقها
بمشاعري العالم بأسره فأصبحت عالمي الوحيد وجيشي الوحيد.

ذكريني كلما أخفقت .. كلما هجرت .. كلما
قسوت كالحجارة أو أشد قسوة كانت تلك كلماتي حينما طلبت منى وعدًا بألا أتخلى عنها يومًا ما فوعد الحر دين عليه.. فما بالك بوعد المحب ؟!

تساءلت حينها عن كم المشاعر الفياضة التي قد تكون … احتياج .. ألفة أو ضعف أو حتى مرحله مؤقتة للتعافي .. كل ما كنت أعلمه أنها كانت صادقة فيما بدر منها وأنا حافظت على العهد وعلى تلك الأمانة .. إلى أن يثبت العكس… فلا أنسى حينما عزفت بعليل صوتها كلمة أحبك في
مكان عام حتى التفت إلى أوراق الشجر فرحًا وانطفأ القمر خجلًا من أثر بريق تلك الكلمة وحرارتها.. لقد أضحت صباحي ومسائي

تصبحين على خير يا حبيبتي
فترد وأنت من أهلي!

تزينت الحياة بألوان مشاعرها وحبها الصادق وأضاءت الجانب المظلم لسنوات بداخلي.. ولكنى بدأت أشعر بغصة في قلبى .. ساعة الغفلة التي يتصدع على إثرها كل شيء.. فإذا ذهبتِ مع الريح فلن أجد حتى الفتات ثانية ..

فأنا كنت فتات مشاعر وأفكار لملمتها وبنيت

منها إنسانًا إلا ربع!!

شاهدت ذات يوم ما وراء الأحداث في عينيها وعلى ما يبدو أنها كانت الرقصةا لأخيرة.. فقد رأيت فيها ألف حاجز وعلمت أنني مريض أحتضر وكلها مسألة وقت لا أكثر.

لقد وجدتني أقفز من على حافة جفنيها
داخل فوهة أتهاوى نحو الأعماق دون أن
أسمع دوي ارتطام جسمي بالقاع .. يا له
من سقوط طويل ومروع !!

تلك النهاية المأسوية التي لطالما يعمها
الصمت ثم تدخل في دائرة أسئلة لا نهاية
لها دون إجابات .. فيشاهدك وأنت في
الرمق الأخير .. مثل يوليوس قيصر الذي
لم يسقط جراء طعنات المحيطين بل
بطعنة من وثق وأخلص له وأحبه فكانت
القاضية !!

لم أتخيل يوما أننا نعود كالأغراب فينظر
كلانا للآخر من أنت ؟
إذا ما التقت أعيننا.. لقد راقبتك عن كثب
طويل بعدها فوجدت الملامح تبدلت ..
وكذلك ابتسامتك الحقيقية .. نبرة صوتك
تبدلت .. نمط حياتك تبدل .. لم تعد أنتِ
التي كانت تسكن فؤادي .. أصبحتِ
نسخة لا أعرفها .. لم يعد بريقك يجذبني
فنسختك القديمة كانت أكثر إشرقًا بكل
تفاصيلها ومبادئها وآرائها ونمط حياتها فأنا

لم يعد في ذاكرتي ووجداني إلا نسختك القديمة والتي لم أندم يومًا ما أن أحببتها وأخلصت لها وأمنتها.. فإن كنتُ فترة في حياتك للتعافي

أو مشاعر إحتياج أو عدم نضج فأنا أسامحك

و إن كنتِ قد مللتِ يومًا أو هربتِ مضطرة فأنا أسامحك .. ولكنني لم ولن أنسى.. فلم أندم يومًا إن كنت سببًا في أن تستنشقي نسيم الحياة بعد
انتكاسة ولو لأيام.. أما نسختك الجديدة..
فلم تعد تروقني .. لم تعد نسختي التي
لطالما أحببتها فلتحلق في فضاء غيري
فوق رأس خيل غيري فحبي لم يعد قيدًا
كما أخبرتني يومًا ما.. فأنتِ لستِ شيطانًا
في روايتي .. وأنا لستُ بملاك .. بل كنتِ
الجميلة و أنا لست بوحش .. فأنا لازلت
لم أعرف إلا نسختك القديمة
إذًا من أنتِ ؟!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.