طوفان » فى عالم لا يعرف العدالة !!
طوفان » فى عالم لا يعرف العدالة !!
بقلم /إيمان سامى عباس
•• أصبح شهر أكتوبر يمثل عقدة لكل أجيال إسرائيل .. وأيامه كلما عادت ستذكرهم بفشل سياسة الغطرسة والاحتلال .. وإنهم كلما زادوا من العنصرية والبطش فلن يجنوا سوى الرعب واليأس والفشل والخذلان !! .
بعد 50 عاماً من هزيمة إسرائيل فى حرب أكتوبر 73 جاء « طوفان الأقصي » كالكابوس ليؤكد لقادتهم أن إرهاب الدولة المنظم الذى يمارسونه .. وحرب الإبادة الجماعية التى تشنها حكومتهم اليمنية العنصرية ضد الشعب الفلسطينى لابد أن تصيب شعبهم .. وأن النيران التى يشعلونها ستحرقهم أيضاً !! .
فى عالم لا يعرف العدالة .. وفقد بوصلة الديمقراطية .. ولم يعد يفرق بين قوة احتلال غاشمة تقتل وتشرد وتغتصب الأراضى وتبنى المستوطنات التى يجرمها القانون الدولي .. وبين شعب أعزل يقاوم المغتصبين بالحجارة وبصدور عارية .. كان من الطبيعى إزاء صمت دولى على جرائم إسرائيل أن يصيب اليأس الشعب الأعزل ولا يجد أمامه سوى الدفاع عن نفسه ، فالقهر لا يولد سوى العنف !! .
الغريب والعجيب أن الصمت الدولى عن نصرة الحق تحول إلى انحياز كامل للمعتدي .. فأمريكا وأوروبــا لم يتحرك قادتها طـوال 75 عاماً منذ نشأة الدولة العبرية لإعادة الحق للفلسطينيين ولا لدعمهم عندما طردوا من أرضهم وتعرضوا للذبح والحصار والتهجير والاعتقال والقتل ومصادرة أراضيهم وانتهاك مقدساتهم واقتحام المسجد الأقصى وتدنيسه وحرقه.. كل ذلك خلال أكثر من نصف قرن من الاحتلال والهوان .. تلك الممارسات العنصرية ضد الفلسطينيين لم تُحرك ساكناً لقادة أمريكا وأوروبا طوال هـذه السنوات .. وصمتوا كالحملان ولكنهم كانوا يهبون ويغضبون عندما تتعرض إسرائيل أو أحد مواطنيها لسوء .. ويدعمونها بكل الأسلحة والعتاد .. ولا يريدون للضحية حتى أن تعبر عن ألمها ويأسها وتقاوم بالحجارة !! .
تخلى الغرب عن صمته عندما جاء « طوفان الأقصي » لأن الضحايا هذه المرة من إسرائيل .. وخرج الرئيس الأمريكى بايدن فى مشهد تمثيلى وكـاد يبكى وهـو يلقى خطابه أول أمس الذى أعلن فيه تأييده الكامل لحكومة نتنياهو اليمينية ومنحها الضوء الأخضر لإبادة الشعب الفلسطينى وتدمير غزة مطالباً بأن يكون الرد حاسماً ومهدداً أية دولة تحاول التدخل واستغلال الموقف .. ولأول مرة لا نسمع منه تعبيرات ضبط النفس وتحكيم العقل طالما أن من سيُقتلون بالأسلحة التى سترسلها أمريكا هم من الفلسطينيين .. فهل هذا عالم يعرف العدالة أو الرحمة ؟! .
تأثر الرئيس الأمريكى وكادت دموعة تنهمر وكان يعتصره الأسى وهو يتحدث عـن قتل عـشـرات مـن الإسرائيليين على يـد حـمـاس .. وبالتأكيد لسنا مع قتل المدنيين فى أى مكان وفى أى دولة .. ولكن من قال إن هؤلاء مدنيون .. ألا يعلم الرئيس بايدن أن كل الشعب فى الدولة العبرية هم جنود احتياط .. وإن جميع من فى المستعمرات الموجودة فى « غلاف غزة » هم من المحتلين وفقاً لقرارات الأمم المتحدة التى لا تعترف بالمستوطنات وتعتبرها غير شرعية أى أنهم جنود ومحتلون ومسلحون وليسوا مدنيين كما يدعون .. لذلك فمقاومتهم مشروعة ؟! .
.. والأهم ألم تصل إلى بايدن أنباء القصف الوحشى لغزة والذى أسفر عن استشهاد أكثر من 260 طفلاً وطفلة فلسطينيين فى غزة خلال يومين بخلاف من يستشهدون كل يوم برصاص جنود الاحتلال وهل يمكن ان ينسى أحد مشهد « الدرة »أم إن فخامة الرئيس بايدن يتأثر فقط بموت أطفال إسرائيل ؟! .
ألم تسمع يا سيادة رئيس الولايات المتحدة تحذير مندوب منظمة الصحة العالمية من إبادة جماعية لأكثر من مليونى محاصر فى غزة إذا لم تُرسل لهم على عجل أساسيات الحياة من خلال ممرات آمنه ؟! .
ألم يشاهد بايدن ومعه قادة أوروبا الأسر الفلسطينية التى انهارت فوق رؤوسها البنايات فى غزة ورام الله فدفن الأب والأم والأبناء معاً تحت الأنقاض ومنهم أسرة محمد الضيف التى استشهد أربعة منهم بضربة واحدة بينهم رضيع لبالكاد تخطى العامين .. أم إنه رأى فقط صور الأسر الإسرائيلية ضحايا « الطوفان » التى بثتها قنوات دولة الاحتلال ؟! .
ألا يُعتبر حصار غزة ومنع الماء والغذاء والــدواء والوقود والاتصالات عن أهلها « جريمة حرب » وفقاً للقانون الدولى الذى من المفترض أن تحميه الدول الكبرى وعلى رأسها دولة « بايدن » أم أن تجويع شعباً وإبادته يهون من أجل عيون إسرائيل خاصة ونحن مقبلون على عام انتخابات الرئاسة الأمريكية وأصوات اليهود أهم من العدالة والديمقراطية والرحمة وحقوق الإنسان ؟!
المزيد من المشاركات