عبده حسين امام يكتب …..الشيخ جراح تاريخ من النضال والمقاومه
الشيخ جراح تاريخ من النضال والمقاومه
بقلم / عبده حسين امام
لا يكفُّ المحتل عن تزييف الحقائق وقلب الموازين لطمث الهوية العربية والإسلامية لمدينة القدس العتيقة، التي يفوح تاريخها عروبةً وترسُخ جذورها ممتدةً في تاريخها الإسلامي العريق.
وبرزت الأحداث الأخيرة في حي الشيخ جراح كدليل دامغٍ على غطرسة الكيان المحتل وادعاءاته التي لا تنتهي في استحقاق ما لا يملك، وحيازة مالا يستحق.
تعود نشأة ذلك الحي منذ فجر الانتصارات، وتحرير القدس على يد القائد صلاح الدين الأيوبي والذي انضوت تحت لواء قيادته ودعوته في نصرة القدس الجيوش العربية بجميع فصائلها وأطيافها في لحظات تاريخية تتوحد فيها كلمة الأمة.
ترجع تسمية هذا الحي إلى الأمير “حسام الدين بن شرف الدين عيسى الجراحي”، طبيب صلاح الدين الأيوبي، القائد الذي اقترن اسمه دائما بهذا الحدث الأجلّ عبر أجيالٍ متعاقبة منذ نحو 900 عام.
وبقي الحي أثرا لمجد عربي ليس بالبعيد وشاهدا على عروبة القدس وهويتها الإسلامية على مدار العهود المتتالية.
تقدّر مساحة سكان حي الشيخ جراح بـ 808 دونمًا (الدونم يعادل 1000 متر مربع)، ويقدر عدد سكانها بـ 2800 نسمة تقريبًا، وإدارة الحي بإشراف من بلدية القدس.
وكم سعت إسرائيل إلى السيطرة على الحيّ بموقعه الهام الذي يربط بين شرق القدس وغربها
بمحاولات عديدة لتزوير تاريخ وحضارة حي الشيخ جراح الذي يمتد عمره لأكثر من تسعة قرون فهو يعد من أعرق وأقدم المناطق التاريخية والحضارية في القدس.
وبالرغم مما انتهجته سياسة الاحتلال من العنف العسكري والإخلاء القسري والسجن وسرقة الأراضي والتعذيب والقتل والتهجير وترويع الآمنين، بشتى السبل كحال معظم المدن الفلسطينية وعلى الأخص مدينة القدس، خلال معارك النكبة عام 1948، نال حيّ الشيخ جراح الواقع شمال البلدة القديمة للقدس، نصيباً وافراً من القتال بين الفلسطينيّين ومن ناصرهم من الدول العربية من جهةٍ والعصابات الصهيونية الغازية من جهةٍ أخرى. فكان تحقيق السّيطرة على هذا الحيّ يعني بالنسبة للصهاينة فتحَ الطريق إلى شرق القدس، وهو ما قد يؤدّي تدريجيّاً إلى السيطرة على الجهة الشرقيّة كاملة من القدس. فسالت دماءٌ كثيرة صدّاً لهذا الهدف،
وتشبثت مجموعة عائلات بجذورها واختارت الاستقرار في منطقة الشيخ جراح في شرق القدس في عام 1956 رغم ما واجهته من تنكيل وممارسات قمعية من قبل المحتل.
وتبلور الوجود الفلسطيني بقرار الحكومة الأردنية بالتعاون مع “هيئة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين”، (أونروا) بتوطين وبناء وحدات سكنية لعدد من عائلات الفلسطينيين ومنحهم وحدات سكنية مقابل رسوم رمزية مع التخلي عن حقوقهم كلاجئين.
وبعد أحداث عام 1967، وضم الجزء الشرقي تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي توجهت عناصر استيطانية يهودية لمحيط الحي عام 1972 وسجلت ملكيتها لهذه الأراضي التي هي بالأصل حقا للفلسطينيين أصحاب الأرض والوطن.
وتتجدد الاضطرابات وسط الأجواء الرمضانية المباركة عقب تهديد القوات الإسرائيلية عددا من العائلات المقدسية بالحي بإخلاء منازلها لصالح جماعات استيطانية مسلحة.
لم يكن الرد الفلسطيني بالرد الهين فاصطفت صفوف المقاومة الفلسطينية في وجه العدو ندا لند؛ المقاومة الفلسطينية في أنقى صورها، المعبرة عن القضية والحاملة لشعار هويتها، المقاومة الوطنية المنبثقة من عبق المقدسات و حيطان الحارات بالقدس القديمة، المقاومة غير المؤد لجة أو الموظفة من كيانات و مؤسسات وفصائل لها متاجرات ومكتسبات خاصة لا تمت للقضية و شعبها بصلة، لذا كان التأييد العربي والدولي مواكبا للحدث من اجل شعب يحمى قضيته التاريخية وينتفض للزود عن مقدساته، فخرج الفلسطينيون شبابا سرت في سواعدهم انتفاضة وطن، وعجائز يتجلى في شقوق وجوههم وتجاعيدها خريطة الوطن التي لا تنمحي بل تزداد مع الزمن رسوخا وجلاءً،
وفى إطار التضامن المصري الدائم مع الأحداث والدعم السخي الذي لا يغيب دوما عن القضية الفلسطينية وحقوقها، فقد فتحت مصر معبر رفح البري الحدودي مع قطاع غزة لإدخال سيارات إسعاف إلى القطاع لنقل المصابين إلى المستشفيات المصرية.
وانطلق علماؤها عير منابرٍ شريفةٍ حرة تستحث العالم للاتحاد في سبيل الانتصار للقضية وكف المحتل عن بطشه وطغيانه، وضربت مصر أروع الأمثلة العملية في تأييد الحق الفلسطيني الذي يظل دائما في بؤرة اهتمام الوجدان المصري.