متابعة/ حسام الأطير
في ظل الأوضاع المتدهورة داخل الوطن العربي و ما يحدث من صراعات سياسية وحروب ودمار .
يتساءل الكثير أين دور جامعة الدول العربية مما يحدث؟!
و لماذا تكتفي بالرفض والإدانة دون تدخل حقيقي ينهي هذه النزاعات؟
وما هي أهمية وجودها الآن من الأساس؟
ويقارن البعض بينها وبين الإتحاد الأوروبي كمنظمة إقليمية ناجحة في تحقيق أهدافها علي الصعيدين الإقليمي والدولي.
وهنا يجب طرح هذا السؤال المهم :
لماذا نجح الإتحاد الأوروبي بينما فشلت الجامعة العربية؟
والإجابة تكمن في أن الاهداف والمبادئ التي قامت عليها جامعة الدول العربية لم تخرج عن الإطار النظري.
مجرد مواثيق ومعاهدات تحتفظ بها الأمانة العامة للجامعة كديكور، ليس لها ترجمة فعلية على أرض الواقع ولا ولا تطبيقاً عمليا على أي صعيد.
فمنذ تأسيس الجامعة العربية عام 1945 وهناك مئات القضايا والملفات الساخنة على الساحة العربية.
لم تتعامل معها الجامعة بالشكل الفعال أو بالأسلوب الذي يفترض أن تتعامل به المنظمات الإقليمية تجاه محيطها.
فحتى الآن لم تحسم القضية الفلسطينية، ولم تتدخل الجامعة أو تقترح حلاً حقيقياً بعيداً عن التنديد والرفض واستخدام عبارات الشجب والإستنكار.
وفي السابق لم نرى أي موقف قوي أوحاسم أثناء الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 .
أو تدخلت لفض النزاعات التي أدت إلى انقسام السودان أو الوضع المتدهور في الصومال منذ الإطاحة بالحكومة المركزية عام 91 .
أو مثلا اتخذت موقفاً حقيقياً تجاه حرب حلف شمال الأطلسي على ليبيا عام 2011 .
وما نتج عنه من إنهيار كامل للدولة الليبية ووقوعها فريسة للميلشيات والجماعات والتنظيمات الإرهابية المسلحة ، وسرقة نفطها وتقسيمه بين فرنسا وإيطاليا وتركيا.
وما من أي موقف إتخذته الجامعة العربية ، تجاه الوضع الإنساني الكارثي في اليمن بسبب الصراع الدائر منذ عشر سنوات.
كل هذه الكوارث وغيرها حدثت ولا زالت تحدث على مرأى ومسمع الجامعة العربية، دون أن تقدم ما يخلص هذه الدول مما تعانيه حقاً.
لهذا أصبحت الجامعة العربية عبارة عن كيان هش لافائدة ولاجدوى منه ، ويطالب الكثير بحلها .
أسباب أخرى
كذلك أيضا من وإذا تعمقنا أكثر في البحث عن أهم أسباب فشل جامعة الدول العربية سنجد أن من بينها التالي :
سياسة عدم الإلزام التي تتبناها جامعة الدول العربية في معظم قراراتها، والتي جعلت من جلساتها وقتاً يهدر بلا فائدة.
فلا ناتج لها ولا قيمة حقيقية غير الظهور الإعلامي، والتصريحات والبيانات الإعلامية التي تذهب مع الريح .
فضلاً عن أن سياسة عدم الإلزام هذه تلغي بالضرورة إمكانية وضع قوانين كعقاب لأي دولة تخل بما أقرته الجامعة، فالقرارات في الأصل إختيارية يعمل بها أو لا وفقاً للأهواء الشخصية.
على عكس الاتحاد الأوروبي الذي يلزم الدول الأعضاء باحترام ما يقره من قوانين وضرورة الإلتزام بها.
بسبب الصراعات …زيادة معدلات الإصابة بالأمراض النفسية في اليمن
أيضا من أسباب فشل الجامعة العربية وجود كيانات متعددة داخل الكيان الواحد، كمجلس تعاون دول الخليج واتحاد بلدان المغرب العربي.
كل هذه التنظيمات تضعف من كيان جامعة الدول العربية، وتجعل منه مجرد إطار ينطوي تحته عدد من الهويات المختلفة .
تحت مسميات عدة الخليج والمغربي والإفريقي، وبهذا تلاشت أو ضعفت الهوية العربية الواحدة بشكل كبير.
كذلك أيضا الإبقاء على ميثاق الجامعة العربية كما هو دون إجراء أي تعديل أو تغيير فيه.
بالرغم من ضرورة تغيير كثير من مواد الميثاق لكي تتناسب وتتماشى مع ما جد في المنطقة العربية والعالم أجمع.
وهذا لن يتعارض مع مواد الميثاق، فالمادة 19 من الميثاق تنص على أنه:
” يجوز بموافقة ثلثي دول الجامعة تعديل هذا الميثاق، وعلى الخصوص لجعل الروابط بينها أمتن وأوثق ولإنشاء محكمة عدل عربية.
ولتنظيم صلات الجامعة بالهيئات الدولية التي قد تنشأ في المستقبل لكفالة الأمن والسلام.”
فهذا الميثاق وضع قبل العديد من الأعوام، والمنطقة العربية تغيرت بشكل جذري فكيف يمكن التعاطي مع هذه التغييرات بقوانين وضعت منذ سنوات.
من أسباب الفشل أيضا محاولة فرض سيطرة الدول القوية والغنية على الدول الضعيفة والفقيرة.
وهمينتها بعلى مجريات الأمور في جامعة الدول العربية وتحكمها في قرارات وسياسات الجامعة .
دعوات بحل الجامعة العربية
لذلك بعد كل ما سبق ذكره نجد بين الحين والآخر دعوات تنادي بحل جامعة الدول العربية.
خاصة عند وقوع أي حدث يشعل المنطقة، ولا إجراءات تتخذ من قبل الجامعة العربية ولا أي تحركات فعالة .
فوجودها في هذه الحالة أصبح يستفز مشاعر الشارع العربي، كيان وصرح يبدو مهم لكن في الحقيقة لا قيمة له
كيان مكتوف الأيدي لا أدوار حقيقية يلعبها لتغيير هذا الواقع المزري.
كما أنه يستنزف من موارد الدول العربية وميزانيات حكوماتها في الإستحقاقات المادية التي يتم دفعها للجامعة والعاملين بها.
فقد سبق و قال أمين الجامعة العربية، أن ميزانية الجامعة تبلغ 60 مليون دولار .
فالأولى أن توجه تلك الأموال للاجئين والفقراء في كثير كن البلدان العربية.
بدلا من المصاريف التي لا فائدة منها على الإجتماعات والمؤتمرات وحجز الطائرات والفنادق وموائد الغداء والعشاء للوفود المشاركة .
لماذا نجح الإتحاد الاوروبي وفشلت الجامعة العربية ؟
الإتحاد الأوروبي:
نص ميثاق الإتحاد الأوروبي على ، ضرورة إصدار عملة موحدة تحقق التوحيد الاقتصادي بالفعل.
أيضاً حثت على أهمية توحيد السياسة الخارجية للدول الأعضاء في الاتحاد، والبدء في تأسيس جيش أوروبي مشترك.
هذا فضلاً عن ميثاق خاص بحقوق الإنسان، يكفل لكل مواطن أوروبي كافة الحقوق والحريات، بداية من الحرية في التنقل عبر دول الاتحاد.
مروراً بحق العمل والتعلم وحق الإقامة في أي دولة من دول الاتحاد بأريحية وحرية تامة ودون شروط.
وهذا غير موجود للأسف في الجامعة العربية، ولكن تجد العديد من الصعوبات والعراقيل للتنقل بين الدول العربية والعمل بها.