محمد صبحي والنرجسية /كتبت شادن عصام الدين
بالعدد الورقي الجديد لصحيفة " اليوم الدولي" ديسمبر ٢٠٢٠
محمد صبحي والنرجسية /كتبت شادن عصام الدين
“ما الدنيا إلا مسرح كبير”، جملة يوسف بك وهبي الشهيرة، نجد فيها الكثير من الحقيقة وتتأكد يوماً بعد يوم في وصف حقيقي للبشرية وصراعها مع التكنولوجيا.
“ما بين التنمر وتزييف حياء الصادقين”، هكذا هي بعض العناوين التي تتشابه أقلامها سواء إخبارية أو من خلال مواقع التواصل الاجتماعي التي تعج بمثل هذه الأقلام.
اعرف من الكتابة من لديه الوقت ليمارس نوعاً من “الكتابة” التي تشبه إلى حد بعيد صناعة الزهور البلاستيكية، والتي شكلها وألوانها زهور، وقلبها ومادتها من البلاستيك، فهذا تدليل لهذه الصناعة التي يدمنها البعض بلا كلل ولا ملل تقوم على تزييف المشاعر وقيم الكوادر الاجتماعية .
بالطبع لازال هناك تلك الأقلام التي بليت حياءً وسعياً نحو نشر الوعي والمشاعر الصادقة، في عالم ديكتاتورية التكنولوجيا..
وها أصبح كلنا الكاتب.. وكلنا أهل الرأي…
لنأخذ على سبيل المثال احتفالية “50 سنة فن” الذي أقامها الفنان محمد صبحي بمدينة سنبل للفنون كواحدة من النماذج التي كثر فيها القيل والقال والتنمر. والسؤال هنا كيف يمكن للكاتب أن يصدر الأحكام المسبقة دون السعي واستقصاء المعلومات من مصادرها؟ بل كيف أتاح لنفسه تزييف المشاعر ليس فقط الدلائل؟ لا أحد يمتلك الجواب، إن لم نلقي نظرة صادقة بداخل أنفسنا وإعمال العقل قبل الأقلام أو إن حق القول الأنامل.
احتفالية “50 سنة فن”
ضرب الفنان صبحي نموذجا للتقدير الفني والإنساني، في خطوة تعد هي الأولي من نوعها، حيث قام من خلال احتفالية اليوبيل الذهبي لمسيرته بتكريم عدد مائة وعشرون فنانًا شاركوه مسيرته في المسرح والسينما والتليفزيون وساهموا في رحلته على مدار نصف قرن، سواء كانوا أساتذة أو زملاء أو تلاميذ.
كواليس هدم الكوادر الفنية
تسبب التمثال المهدي للفنانين المكرمين في إثارة الجدل، لأنه مجسم لصورة الفنان محمد صبحي، وهكذا اتهم الفنان الكبير بالنرجسية، فيما أضاف البعض بإفساد الفكرة المبتكرة. أصبح الفنان هنا محل التنمر والشك في صدق نواياه الجليلة، وراح يبذل الجهد في محاولة الدفاع عن رمزية التقدير وأنه محاولة شكر وعرفان بوجود هؤلاء الفنانين في حياة صبحي.
لم يجد البعض منطقية التمثال لأنه شكر علي المساهمة في تقديم ماركة محمد صبحي للضحك، والابتسامة، والعبرة الجليلة. لم يتحدث الكثيرون عن التقدير المعنوي والرمزية التي أهداها الفنان صبحي لمشتركي مسيرته، ولم تذكر تقديرات تكاليف الحفل، أو لقاءات عن سعادة البعض، أو دعم المبادرة كسبيل لنشر قيم تقدير الآخر.
دفاع أصحاب النوايا الصادقة
تحدث الفنان صلاح عبد الله، وهو أحد المكرمين عن سعادته وزملائه حول هذا التكريم، حيث أشار أن صبحي كرم كل من شاركوه مسيرته من فنانين وفنانات وكتاب ومخرجين وعمال ومساعدين مما أثار حفيظة البعض لسبقه بهذه الخطوة.
كما كتب الفنان نبيل الحلفاوي بكلمات يشملها الحياء عبر صفحته بأحد مواقع التواصل الاجتماعي، دعوة صديقه وزميل الدراسة له إلا أنه اعتذر عن الحضور، قال ” دعيت واعتذرت، صبحي صديق عزيز ودفعتي، فمن المقبول أن يكرم أساتذته أو تلاميذه، ولكنني تحرجت من فكرة أن يكرم الزملاء بعضهم بعضا”.
هل من إجابة؟
أترك لك عزيزي القارئ حق الإجابة، بعد أن تستعيد الزمن ذو الضحكة الصافية والوقت الذي تمضيه مع الأسرة دون سيطرة الهواتف الذكية على حياتنا فيما سبق.
سأترك إليك أيضاً إعمال العقل والتذكر فيمن يسعي لنشر الحب والسلام ومن يحض علي نشر الفرقة وهدم الكوادر والرموز الاجتماعية.
أدعوكم جميعاً الي إعمال العقل والضمير ونشر حب الآخر بين الربوع بعيداً عن سيطرة التكنولوجيا.